في اجتماع المجلس الوطني للنقابة الوطنية لمستخدمي المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب -قطاع الماء-، المنضوية تحت لواء الكونفدرالية العامة للشغل (CGT) المنعقد مؤخرا بالرباط تم استعراض أهم السمات التي يمر منها الوضع في الظروف الحالية.
وأشار البيان الصادر عن أشغال هذا الاجتماع إلى أبرز السمات الرئيسية الوضع المتمثلة في سيادة الرأسمال المتغول بمنطق القوة والتجرد من كل القيم الديمقراطية والإنسانية والنزعة العدوانية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في انتهاك القرارات الدولية ومعاداة الشعوب بفعل سياستها الاستعمارية التوسعية ودعمها اللامشروط للكيان الصهيوني الغاصب.
وندد البيان النقابي بتاريخ الولايات المتحدة الأمريكية المطبوع بإشعال فتيل الحروب في كل بقاع العالم منها الحرب بين روسيا وأوكرانيا وجرائم الإبادة الجماعية في حق الشعب الفلسطيني بأداة الكيان الصهيوني تأكيدا للتوجه الاستعماري التوسعي الأمريكي تحت ذريعة “الدين” إلى جانب الحرب ضد إيران بهدف تشكيل خريطة جديدة للشرق الأوسط تكون فيها دولة إسرائيل هي القوة المهيمنة.
وأعربت الكونفدرالية العامة للشغل عن أسفها لموقف الدول الغربية المتفرج والمؤيد لكل القرارات التي تملى عليها. وكذا عن تبعية المنطقة العربية توجد في أسفل الترتيب وقد سلمت زمام أمورها إلى الولايات المتحدة الأمريكية، التي أصبحت تهددها بعدم ضمان حمايتها في حال عدم توفيرها للموارد المالية الكبيرة التي بحوزتها.
وعلى الصعيد وطنيا، انتقدت النقابة السياسة اللاشعبية لحكومة تصارع الزمن من أجل تمرير الإجراءات والمخططات التي تضرب في العمق مصلحة الشعب المغربي (صندوق المقاصة، إصلاح نظام التقاعد، القانون المنظم للإضراب، دمج الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (CNOPS) مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS)، القانون المنظم للمسطرة الجنائية، … إلخ)، كل هذه المخططات تهدف إلى تفكيك ما تبقى من الوظيفة العمومية والإجهاز عليها، والتخلي على المؤسسات العمومية الرائدة وتقديمها هي الأخرى في طبق من ذهب للقطاع الخاص أو بالأحرى (للباطرونا)، ، مما يساهم في ضرب المقدرات الوطنية، ناهيك عن سياسة تفقير الشعب المغربي من خلال الزيادات المتتالية في الأسعار، ونسبة التضخم المرتفعة، والمضاربات وجشع الوسطاء بفعل غياب المراقبة المستمرة ، وحرمان الشعب المغربي من تعليم عمومي حداثي وديمقراطي، وصحة عمومية ذات جودة ومواصفات عالمية تضع المواطن في صلب السياسة الصحية.
ولعل ما يقع حاليا في المكتب هو جزء من هذه السياسة، وقد سبق الكونفدرالية العامة أن عبرت ولا زلنت عن رفضها لعملية تفويت قطاع التوزيع، وإحداث الشركات الجهوية المتعددة الخدمات دون أخذ الوقت الكافي لإنضاج الفكرة، حيث تم الاعتماد على المقاربة “التجريبية” بخصوص تدبير قطاع هام وحيوي بالبلاد، يرتبط ارتباطا وثيقا بحياة المواطنين وتحقيق أمنهم المائي وذلك بجعل الماء “سلعة” يراد من وراءها تحقيق الكسب المالي فقط.
واعتبرت عملية تصويت “نواب الأمة” على القانون رقم 21-83 دون أخذ الوقت الكافي للتحقيق مشروعا يهدد الأمن الطاقي والمائي للبلاد. وهم اليوم في موقع المساءلة حول ما حصل من نتائج كارثية لهذا الاختيار، سواء على المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب أو على مستخدميه، ولخصت النقابة السياسة العامة للقطاع على النحو الآتي:
− إلحاق مجموعة من المستخدمات والمستخدمين بهذه الشركات دون توفير ضمانات، مما يهدد مكتسباتهم ويضرب استقرارهم الوظيفي من خلال حرمانهم من العديد من المكاسب (الزيادة في الأجور، المنح والتعويضات، المكافأة السنوية، الترقية في الرتبة والدرجة، الوضع المهني والاداري، الامتحانات المهنية، والمجال الاجتماعي بكل ما يوفره من خدمات. كل هذا يقع، وإدارة المكتب غائبة وغير مواكبة، بل إنها تنهج سياسة التنكر والقطيعة علما أننا ما زلنا في مرحلة انتقالية، ومسؤولية المكتب ومسؤوليه الإداريين ثابتة في هذا الباب؛ بالمقابل نجد أن الإدارة العامة تجتهد في تمديد عقد العمل بعد التقاعد لمجموعة من المسؤولين، ومنهم من يشكل التمديد لهم خرقا قانونيا.
− الملف المطلبي الذي يهم كل الذين لا زالوا يشتغلون بالمكتب، فإذا كنا نثمن عملية الزيادة الأخيرة في الأجور، إلا أن جزء كبير من المشاكل لا زالت عالقة أو مؤجلة من قبيل: تحسين التقاعد، تسوية وضعية ما تبقى من أعوان التنفيذ، مشكلة حملة الشواهد، الامتحانات المهنية، الانتقالات، وضعية رؤساء المراكز والوحدات، واللائحة طويلة.
كما شكل هذا الاجتماع مناسبة للوقوف على التضييق على حق الممارسة النقابية ، والنموذج الحاصل في DR/8، يؤكد هذا الطرح وذلك بعدم تمكين المسؤولين النقابيين من حضور اجتماع المجلس الوطني ومحاولة إدخالهم في صراع.
ووقف المجلس الوطني على نقطتين ذات أهمية بالغة وهما:
1. المجال الاجتماعي: وضرورة إخراجه من هيمنة الإدارة العامة، وحتمية تدبيره من طرف هيئة منتخبة في إطار ديمقراطي، يقف ضد هيمنة أي طرف كيفما كان، وذلك بتنظيم جموعات عامة بالجهات، يحضرها كل المستخدمين بمن فيهم الذين أحيلوا على التقاعد، لانتخاب تمثيليات جهوية من اجل عقد جمع عام مركزي تحضره هذه الأخيرة لانتخاب الهيئة المسؤولة وطنيا.
2. الحفاظ على المكتسبات: ضرورة البحث على صيغة تمكن من الحفاظ على مكتسبات الملحقين بالشركات الجهوية المتعددة الخدمات، وذلك بتضمين اتفاقية الإطار، ضمن عقدة التدبير الموقعة بين الشركات الجهوية والمجموعات الترابية، اسوة بما حصل بالنسبة لقطاع الكهرباء ووكالات التوزيع.

