إعداد: مصطفى شكري
يعاني الاقتصاد المغربي وخاصة منذ السنوات القليلة الماضية، من عدة أزمات وصدمات بدءًا بجائحة كورونا، ثم الحرب في أوكرانيا مرورا بالموجة التضخمية التي عرفها المغرب منذ نهاية 2021 وحتى نهاية العام الماضي، وصولا الى التقلبات والتغيرات المناخية، إذ أصبح الجفاف هيكليا وبنيويا في الاقتصاد المغربي مما دفع بالكثيرين الى طرح احتمال إلغاء شعيرة عيد الاضحى لهذه السنة كما أن محاولة وزير الاوقاف محمد التوفيق تبرير الفوائد البنكية وإبعاد شبهة الربا عنها قد تجد تفسيرها حسب المتابعين الى أزمة الاقتصاد الحقيقي والنقدي بالمغرب على حد سواء.. فهل يستطيع المغرب الصمود في وجه هذه الأزمات في ظل التحديات الداخلية والخارجية التي تعصف بمعظم الاقتصادات العالمية..!!؟
لقد فقد المغرب مئات الآلاف من مناصب الشغل في السنوات الأخيرة فكيف السبيل لتعزيز القدرات التنافسية للاقتصاد المحلي وتعزيز الاستثمار في القطاعات الحيوية. !!؟ هل يكفي الرهان على عوائد السياحة وقطاع السيارات ومداخيل تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج،لتحقيق نمو مستدام في الاقتصاد الوطني وتقليص عجز الميزان التجاري..؟؟!
إن تأثير الجفاف على القطاع الفلاحي والتبعية الطاقية للخارج، تدفع إلى استمرار حالة التضخم رغم التراجع الطفيف المسجل هذه السنة، حيث انتقل من 6.6 بالمئة سنة 2022 إلى 6.1 سنة 2023، فماذا أعدت دوائر القرار لتسريع الانتقال الطاقي نحو الطاقة المتجددة.. وهل استطاع النموذج التنموي الجديد إيجاد الحلول الجذرية للمشاكل المستعصية بعيدا عن الحلول المألوفة والمكرورة من قبيل مراجعة السياسة النقدية ورفع الفائدة وجدولة الديون الخارجية ورفع الجبايات والضرائب..!؟!
لقد واجه بنك المغرب ارتفاع التضخم وغلاء الأسعار من خلال رفع معدلات الفائدة مرتين العام الماضي لتصل إلى 3 بالمئة، وهو أعلى مستوى منذ 2014، إضافة إلى استمرار دعم الحكومة لأسعار غاز الطهي والسكر والدقيق عبر صندوق المقاصة بنحو 3 مليارات دولار، إضافة إلى دعم العاملين في نقل المسافرين والبضائع وتوزيع إعانات نقدية لمئات الآلاف من الأسر الفقيرة في إطار برنامج الدعم الاجتماعي المباشر.. فهل هذه الإجراءات كفيلة بجعل المغرب ضمن الاقتصادات الصاعدة في أفق 2035.. أم أن دار لقمان ستبقى على حالها الى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا..!!
لقد واجه المغرب عام 2023 تحديات الجفاف والتضخم، لكنه استطاع إنهاء العام بشكل أفضل مدعومًا بتحسن في قطاع السياحة والسفر. ومع ذلك، لا يزال هناك تحديات مثل ثقل الأعباء الطاقية والمديونية العمومية، ويعتبر اقتصاد المغرب حسب المهتمين اقتصادا متنوعًا ويميل نحو اقتصاد السوق مع حضور قوي للسلطات العمومية في الاستثمار وتوجيه السياسات الاقتصادية وقد شهد المغرب في العقدين الأخيرين إصلاحات سياسية ومؤسساتية عميقة أدت إلى انفتاح قطاعات مثل النسيج، الإلكترونيك، وصناعة السيارات على الأسواق العالمية.
ومن جهة أخرى تواجه الأبناك المغربية شحا غير مسبوق في السيولة، بعدما قفز متوسط حاجياتها الأسبوعية من 109.2 مليارات درهم إلى 111.2 مليار بين يناير وفبراير الماضيين، الأمر الذي دفع ببنك المغرب إلى رفع قيمة مبالغ السيولة التي ضخها في السوق النقدية لإنعاش معاملات الأبناك، من 122 مليار درهم إلى 123.4 مليار خلال الفترة المذكورة، فهل يرتبط تفاقم شح السيولة البنكية بتفضيل المواطنين التعامل بالأوراق النقدية (الكاش) والاحتفاظ بأموالهم بدل ادخارها في حسابات بنكية، أم أن هناك أسباب عوامل أخرى خفية وغير معلنة.. وهل يمكن الحديث عن تدهور ثقة المغاربة في البنوك أمام ارتفاع حالة اللايقين في صلابة الاقتصاد الوطني وارتباطه الكبير بالأسواق النقدية الخارجية..!! وهل يمكن إدراج حديث وزير الاوقاف خلال الدرس الحسني الرمضاني الثاني لهذه السنة عن اختلاف الفوائد البنكية عن الربا المحرم، في خانة تشجيع المواطنين على العودة للتعامل مع الابناك وعمليات الإيداع والاقتراض دون حرج ديني..؟!
هذه الأوضاع المقلقة خلفت وراءها جدلا كبيرا وأسئلة محيرة سنحاول الإجابة عنها في هذا اللقاء رفقة مجموعة من الأساتذة والباحثين، وتسليط الأضواء على أكثر قضايا الاقتصاد الوطني تأثيرا في الواقع المعيش للمغاربة.. والبداية مع الخبير الاقتصادي الدكتور عمر الكتاني الذي يتوقع أن تستمر الوضعية الاقتصادية الصعبة خلال سنة 2024، خصوصا أن إنفاق الدولة سيزداد، في ظل وجود أربع مشاريع كبرى ومستعجلة لا يمكنه التأخر بها ألا وهي ( الدعم الاجتماعي المباشر/ آثار زلزال الحوز/ آثار الجفاف ودعم القطاع الفلاحي/ مشروع البنية التحتية الرياضية لاستضافة مونديال 2030 وكأس إفريقيا 2025) مما سيخلق ضغطا على ميزانية الدولة، مما سيدفعها إلى اللجوء إلى الاقتراض. فكونوا في الموعد.