سعيد رحيم
من يتابع مجازر الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة بواسطة القصف الجوي ودبابات جيش الاحتلال الإسرائيلي، منذ ما بعد طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023، يدرك جيدا أن الاستعمار الصهيوني الرأسمالي – المكون أساسا من أمريكا وبريطانيا وفرنسا – غير مؤهل لوقف الحرب على الفلسطينين بشكل عام وأنه يضع القوى الحية في العالم أمام خيار شعبي لا مناص منه لإنقاذ البشرية من أهوال إمبريالية فاشستية وعنصرية في ظل تواطؤ الكثير من الأنظمة الرسمية الموالية للغرب.
وكما هو معلوم، فقد قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال هذه المدة (ثمانية أشهر) ما يزيد على 35 ألف شهيدة وشهيد وعشرات الآلاف من الجرحى والمعطوبين أغلبهم من الأطفال والنساء. ويندرج ذلك في إطار المخطط الصهيوني النازي الأمبريالي لطرد الفلسطينيين من كامل بلدهم والشروع في تنفيذ مخطط إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات.
وعلى الرغم من الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار ومواقف محكمة العدل الدولية ضد رئيس حكومة الحرب بنيامين نتانياهو وفشل هذا الأخير في تحقيق أهدافه المعلن عنها قبل العدوان والمظاهرات واعتصامات طلاب الجامعات التي تتنامى في كل عواصم أوروبا وأمريكا، فإن إسرائيل وحلفاؤها مصممون على المضي في قتل الأبرياء بشكل هستيري لسبب بسيط أن إسرائيل بكل “مكوناتها” ليست لها خطة للسلام وأن خطتها الوحيدة هي الاستمرار في الحرب للقضاء بشكل نهائي عن القضية الفلسطينية وعلى الشعب الفلسطيني، صاحب القضية.
ولأن الشعب الفلسطيني، لاعتبارات متجذرة، ليس هو الهنود الحمر الذي أباده المعمرون الأجانب في أمريكا الشمالية فإن المقاومة الفلسطينية لن تتوقف وحرب الإبادة ستتواصل بأشكال أكثر عنفا وخبثا، وقد صرح الإسرائيليون بذلك أكثر من مرة، وهم سائرون نحو الهاوية.
ولهذا فإن الجنون الإمبريالي المنهزم أخلاقيا وسياسيا في حرب الإبادة الجماعية قد يدفع بالمنطقة وبالعالم إلى ما هو أفظع وأفزع ما لم تتحمل القوى الحية المدنية بوجه خاص مسؤولياتها والتوجه للعمل على خلق جبهة عالمية للدفاع عن الشعب الفلسطيني ودولته المستقلة ومناهضة التطبيع مع هذا الكيان الإستعماري الذي انكشفت كل أوراقه المعادية للقوانين والأعراف وللإنسانية جمعاء.