سعيد رحيم
تقديم خفيف: قال المدير العام السابق عقب تعيينه على رأس وكالة المغرب العربي للأنباء في النصف الثاني من سنة 2011 في لقاء عقده مع ممثلي الصحفيين؛ “إن أغلب الذين اتصلوا به لتهنئته على المهام الجديدة تمنوا له حسن العون من الله للتغلب على المشاكل والخلافات والنزاعات التي تتخبط فيها الوكالة”.
ولكنه بعد أشهر قليلة من تعيينه لم يزد طينها سوى بلة.
تتحدث بعض المنابر الإعلامية في المغرب وبإسهاب، في الآونة الأخيرة، عن “حتمية” لجوء المدير العام المعين مؤخرا على رأس وكالة المغرب العربي للأنباء، فؤاد عارف، إلى إحداث تغييرات أساسية، وربما جوهرية، لتخليص المؤسسة من ثقل الإرث الذي خلفته سياسة المدير العام الراحل خليل الهاشمي الإدريسي.
وبقدر ما تحتمل هذه التوقعات الإعلامية المتفائلة من صواب يستند إلى الأحداث التي شهدتها تلك الوكالة، خلال أزيد من 12 سنة – التي كنت شاهدا على بعض فصولها بحكم انتمائي الفعلي لها سابقا – بقدر ما تبدو هذه التوقعات تطمينات نسبية؛ من غير المنتظر أن يذهب فيها المدير العام الجديد بعيدا على المستوى التنظيمي والمهني، أساسا.
ذلك أن الإرث الثقيل، غير النافع، الذي تركته إدارة المدير العام السابق، لا يمث معظمه بصلة لوظيفة الوكالة الإخبارية العمومية، ، باعتبارها وكالة متخصصة في إنتاج القصاصة الخبرية، بل إرثا مهني منحرفا خلق منعرجا انتهك شعار “قيمة الخبر، الذي وضعه بنفسه وكذا انتهاكه دفتر أخلاقيات الصحافة، الذي سهر المدير السابق على إنجازه وأيضا استنزاف قدرات المؤسسة بشريا ومهنيا. استنزاف حوّل معظم صحفييها وصحافياتها من احتراف الكتابة الصحفية الراقية متعددة اللغات والترجمة والمصادر ذات المصداقية العالية إلى منشطين لقناة تلفزية مثيرة للسخرية لا يتابعها أحد، تقريبا. وإصدارات ورقية بدون معنى ولا أفق وقنوات إذاعية لا هي تقدم الجديد ولا هي قادرة على منافسة القنوات الإذاعية العمومية، التي لها تاريخيا ما لها و عليها ما عليها، دون الحديث عن الإشكاليات التي أحدثها قانون تحرير السمعي البصري، والتي عملت إدارة الراحل على تحديه، دون أن يعلم أحد بأي كيف تم هذا التحدي.
بالإضافة إلى هذا المنعرج الهزلي والكارثي للوكالة، الذي مرره الراحل عبر اللجنة الوظيفية (C.E)، التي انسحبتُ منها، باعتباري آنذاك، ممثلا لنقابة الصحافيين (وهي اللجنة الاستشارية المؤسساتية التي تبث في المشاريع الاستراتيجية للمقاولة)، بعد أن تبين لي ما بين سنوات (2013 و2015)، أن ما يتم اتخاذه من قرارات في هذه اللجنة لا يتوافق مع المهمة الرئيسية للوكالة المتمثلة فى إصدار القصاصة الخبرية والاستثمار فيها بشريا وماديا بما يعزز مبدأ الخدمة العمومية عوض الاستثمار في مشاريع حولت المؤسسة إلى وكالة إشهارية وتجارية فاشلة تهمش دور الصحفيين/يات وتقتص من مكاسبهم المادية والاجتماعية ومنهم من تطاله عقوبات انتقامية غير مبررة مهنيا أو أخلاقيا..مقابل إسراف خيالي وأغراقها بمناصب مديرين يتقاضون أجورا قد لا تحلم بها أعمدة لاماب.. (مديرين أكثر من الصحفيين)..
لقد كان انسحابي بهدوء من هذه اللجنة المكونة قانونيا من تركيبة غير ديمقراطية في الأصل (11 عضوا 6 منهم يختارهم رئيس المؤسسة و 5 مديري المصالح وممثلي النقابات، وفي حال تعادل الأصوات ترجح كفة الرئيس)، كان بالنسبة هذا الانسحاب مسألة أخلاقية ومهنية حتى لا أوقع على محاضر تدفع الوكالة المهنية إلى حافة الإفلاس.
غير أن ما تجدر الإشارة إليه هنا في الوقت بالذات، حيث يتطلع الكثيرون إلى قرارات المدير العام الجديد – تعيد المؤسسة الإعلامية العمومية، كفاعل أساسي في الإعلام العمومي المتخبط في عالمه الخاص، إلى جادة المهنة الأساس – هو أن السيد المدير العام السابق كان يصر على القول، وهو يضع أوراقه الفاشلة على طاولة النقاش/ الاستعراضي – “إنه مضطر لتحقيق المشروع الذي بين يديه مهما كلف ذلك من ثمن.. لأنه بكل بساطة تلقى تعليمات من فوق ! ..”
إذن.. فما الجدوى من البقاء في اللجنة المشار إليها بتركيبة غير متوازنة ولا ديمقراطية.. (C.E).
ففُكها يا من وحلتيها.. وكان الله في عون السيد المدير العام الجديد مع هذا الإرث الثقيل