نيوبريس24
أمام خطر الإنهيار المتواصل للمعلمة التاريخية “قصر البحر” المصنفة ثراتا وطنيا بمدينة آسفي، ومع تباطؤ عمليات الترميم التي رصدت لها أغلفة مالية إلى حدود مارس الأخير، أصدرت “شبكة مبادرات جهوية للتراث والسياحة” بيانا عبرت من خلاله عن قلقها العميق واستنكارها الشديد لحالة الانتظارية، والإهمال وعدم الجدية في إنقاذ هذه المعلمة التاريخية البرتغالية المغربية، التي تعد جزءاً لا يتجزأ من هوية مدينتنا وذاكرتها الجماعية.
وذكر البيان بما حدث يوم الخميس 3 أبريل 2025، إثر تعرض الواجهة البحرية لقصر البحر، وتحديداً الجزء المسمى الباب الغربي أو “القوس الغربي”، لانهيار جديد بسبب الأمواج العاتية والرياح القوية.
هذا الانهيار ليس الأول من نوعه، هو حلقة في سلسلة من الانهيارات المتتالية التي شهدها هذا الصرح التاريخي على مر السنين (1937، 2007، 2010، 2017).
يعود تاريخ بناء قصر البحر إلى الفترة ما بين 1508 و1523 على يد البرتغاليين، وقد تم تصنيفه كمعلمة تاريخية وطنية منذ عشرينيات القرن الماضي بموجب ظهير سلطاني. ورغم أهميته التاريخية والثقافية والسياحية، إلا أنه ظل يعاني من الإهمال وقلة الصيانة والترميم، مما عرضه لعوامل التعرية البحرية والرياح القوية.
وأقرت الشبكة بالجهود التي بذلتها وزارة الثقافة والشباب والتواصل، متفائلة بزيارة وزير الثقافة محمد المهدي بنسعيد في مارس 2023، وإعلانه عن تخصيص ميزانية قدرها 388 مليون درهم لإعادة تأهيل المعالم التاريخية بأسفي، وعلى رأسها قصر البحر.
وحيت تصويت المجلس الجماعي في مارس 2025 على ميزانية قدرها 248 مليون درهم للشطر الأول من مشاريع إعادة تأهيل المعالم والمواقع التاريخية بالمدينة.
كما قمنا الشبكة برنامج ترميم قصر البحر وجرف أموني في إطار شراكة بين وزارة التجهيز والماء، وولاية جهة مراكش-آسفي، والمجلس الجماعي لآسفي. وقد تم الانتهاء من المرحلة الأولى من المشروع، في حين أن المرحلة الثانية، التي تشمل الواجهة البحرية وقصر البحر، على وشك الانطلاق وندعو إلى الإسراع بذلك.
إلا أنه بالرغم من كل هذه الوعود والاتفاقيات والميزانيات المخصصة، لا زال قصر البحر يتعرض للانهيار تدريجياً، وهذا يدل على أن: التنفيذ الفعلي لعمليات الإنقاذ والترميم يسير ببطء شديد، مما يعرض المعلمة لمزيد من التدهور.
وتم في هذا السياق تسجيل نقص في التنسيق بين مختلف الجهات المعنية، وخاصة بين الهيئات المنتخبة : المجلس الجماعي، والمجلس الإقليمي، ومجلس الجهة، و المصالح الخارجية للمصالح الحكومية مما يؤدي إلى تأخير اتخاذ القرارات وتنفيذها.
ورغم الحالة المتدهورة للمعلمة، لم يتم اتخاذ إجراءات استعجالية لحمايتها من الانهيار، خاصة في المناطق الأكثر عرضة للتأثر بالعوامل الطبيعية، أهمها حافة الجرف التي بني عليها قصر البحر.
كما لم تتم الاستعانة بشكل كاف بالخبرات المتخصصة في مجال ترميم المباني التاريخية، سواء الوطنية أو الدولية وخاصة منها مركز دراسات وأبحاث التراث المغربي البرتغالي بالجديدة، التابع لوزارة الثقافة.
ودعت جميع الأطراف المعنية إلى التسريع بالموافقة على اتفاقية الشراكة المتعلقة بحماية جرف أموني وتفعيلها على أرض الواقع دون تأخير، مع تحديد جدول زمني واضح للتنفيذ ومؤشرات للتقييم.
وطالبت بتدخل فوري وعاجل لحماية ما تبقى من الواجهة البحرية لقصر البحر من الانهيار، وذلك باتخاذ تدابير مؤقتة لتدعيمها ريثما يتم تنفيذ مشروع الترميم الشامل، مع الاستعانة بخبراء متخصصين في هذا المجال. وبتشكيل لجنة متابعة تضم ممثلين عن الوزارات المعنية، والسلطات المحلية، والمجتمع المدني، والخبراء، لمتابعة تنفيذ مشاريع الترميم والإشراف عليها، وتقديم تقارير دورية عن سير الأشغال.
وطالبت الشبكة بوضع خطة شاملة ومتكاملة لترميم جميع المآثر التاريخية المغلقة بمدينة أسفي، وليس فقط قصر البحر، وتخصيص الميزانيات اللازمة لذلك، مع إعطاء الأولوية للمعالم الأكثر تضرراً.
وإلى إشراك جمعيات المجتمع المدني المهتمة بالتراث في عملية صياغة وتنفيذ ومتابعة مشاريع الترميم، والاستفادة من خبراتها ومعرفتها بالواقع المحلي.
ودعت إلى تعزيز الوعي بأهمية التراث من خلال تنظيم حملات توعية للتعريف بأهمية التراث التاريخي والثقافي لمدينة أسفي، وضرورة الحفاظ عليه، وذلك من خلال وسائل الإعلام والمؤسسات التعليمية والثقافية.
وشددت على إن قصر البحر ليس مجرد معلمة تاريخية، بل هو جزء من هويتنا ومكونا أساسيا لذاكرتنا الجماعية. وإن انهياره يشكل خسارة لا تعوض للتراث الوطني والإنساني ويقضي من دون شك على آمال تصنيف مدينة أسفي على لائحة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو. لذا، نناشد جميع المسؤولين والمعنيين بالأمر التحرك العاجل لإنقاذ هذا الصرح التاريخي قبل فوات الأوان.
وأعربتوعن استعدادها للتعاون مع جميع الجهات المعنية من أجل الحفاظ على تراثنا التاريخي والثقافي، ونعبر عن أملنا في أن تلقى مطالبنا آذاناً صاغية واستجابة سريعة.