بوشعيب شكير*
كل فاتح ماي، نلتقي مجددًا مع التاريخ، نُجدد العهد مع الطبقة العاملة، ومع نضالاتها المتواصلة من أجل الكرامة والعدالة الاجتماعية.
في الكونفدرالية العامة للشغل نؤمن أن نضال الشغيلة لا ينفصل عن قضايا الإنسان الكبرى، اخترنا شعارنا هذا العام: “لنجعل من القضية الفلسطينية مدخلاً لتحقيق الكرامة والعدالة الاجتماعية للطبقة العاملة.” اختيارنا هذا الشعار ليس اعتباطيًا، أو مجرد تعاطف مع قضية عادلة. هو اختيار نابع من قناعة عميقة بأن ما يعيشه الشعب الفلسطيني من قهر وحرمان واعتداءات مستمرة، يعكس أبشع صور الظلم الذي تعاني منه فئات واسعة من الطبقة العاملة هنا وفي مختلف بقاع العالم.
نحن نرى في فلسطين عنوانًا للمعاناة الإنسانية، وصورةً مكثفة لما تواجهه الشغيلة من قهر واستغلال. ولذلك، فإن التضامن مع القضية الفلسطينية ليس خروجًا عن إطارنا النقابي، بل هو تمسك صريح بالقيم التي تأسست عليها الحركة النقابية: العدالة، الحرية، الكرامة، والتصدي لكل أشكال الهيمنة والاضطهاد. الشعار الحالي هو دعوة لربط النضال العمالي المحلي بالنضال الكوني من أجل عالم أكثر عدالة. فكما نناضل من أجل عقود شغل عادلة، وأجور تحفظ الكرامة، وخدمات اجتماعية منصفة، فإننا لا يمكن أن نغض الطرف عن شعب يُجرد يوميًا من حقه في الحياة، ويُعاقب لأنه يتمسك بأرضه وتاريخه. لكننا نؤكد في الوقت ذاته أن هذا التضامن لا يجب أن يُوظف سياسيًا لخدمة أجندات خارجية، ولا أن يتحول إلى ورقة ضغط على القرار الوطني.
في الكونفدرالية العامة للشغل نُدافع عن فلسطين كما نُدافع عن سيادة بلدنا، ونفصل بشكل واضح بين القيم النضالية والمزايدات السياسوية. إن نضالنا من أجل العدالة الاجتماعية لا يكتمل إلا بتوسيع أفقه، وجعل التضامن أداة وعي ومقاومة، لا مجرد تعاطف. ومن خلال جعل القضية الفلسطينية مدخلاً لهذا النضال، نُعبر عن موقف نقابي إنساني يتجاوز الجدران، ويُعيد الاعتبار لفكرة الكفاح المشترك. في هذا اليوم النضالي، نوجه تحية إلى كل العاملات والعمال في المغرب، ونقول لهم: معركتنا من أجل حقوقكم هي جزء من معركة أكبر ضد كل أشكال الظلم. وإن فلسطين، بما تمثله من رمزية، هي مرآة نضالنا العادل.
*عضو المكتب الوطني للنقابة الوطنية لقطاع الصحة CGT santé