تسجيل الدخول

الانتقال العادل: من شعار بيئي إلى سؤال طبقي ومجتمعي (تقرير نقابي)

said rahim10 مايو 2025آخر تحديث : منذ 10 ساعات
الانتقال العادل: من شعار بيئي إلى سؤال طبقي ومجتمعي (تقرير نقابي)

نيوبريس24

أضحى مفهوم الانتقال العادل (Just Transition) حجر زاوية في النقاشات البيئية والاجتماعية المعاصرة، ويشير إلى ضرورة التحول نحو اقتصاد منخفض الكربون بطريقة تضمن عدم ترك أحد خلف الركب، من خلال حماية حقوق العمال، ودعم الفئات الهشة، وضمان توزيع عادل لتكاليف وفوائد هذا التحول. إنه ليس مجرد مسار تقني أو بيئي، بل مشروع مجتمعي ذو أبعاد اقتصادية وطبقية عميقة، يفرض مشاركة فعالة لكل الفاعلين، وفي مقدمتهم النقابات، باعتبارها صوت الشغيلة والطبقات المتضررة من السياسات الانتقالية.
في هذا السياق، شاركت الكونفدرالية العامة للشغل في الندوة الوطنية “الانتقال العادل: أية سياسات وأية بدائل؟”، المنعقدة يوم الجمعة 9 ماي 2025 بمعهد إدريس بنزكري لحقوق الإنسان، والمنظمة من طرف الائتلاف المغربي من أجل العدالة المناخية وعدد من المركزيات النقابية. وقد مثّل الرفيق عبد العالي كميرة الكونفدرالية في هذه المحطة النوعية، بمداخلة جريئة أعادت توجيه بوصلة النقاش نحو جوهره الاجتماعي والطبقي، مؤكدة على أن الحركة النقابية ليست طرفاً مكملاً، بل فاعلاً رئيسياً في معركة العدالة المناخية.

انطلقت مداخلة الرفيق كميرة من نقد جوهري لما يُروج له من سياسات “انتقالية جاهزة” تُفرض غالباً من دوائر القرار العالمي، دون مراعاة للخصوصيات الاجتماعية والاقتصادية للدول النامية. وأكد أن أي حديث عن انتقال عادل لا يمكن فصله عن الصراع الطبقي العالمي، ولا عن اختلال ميزان القوى بين الجنوب والشمال، ولا عن انعكاسات السياسات النيوليبرالية على الفئات العاملة والهشة.

العدالة المناخية ليست تقنية… بل معركة على أسس العدالة الاجتماعية
استعرض كميرة واقع التحول الطاقي في المغرب، مبرزاً أن مشاريع الطاقة المتجددة الكبرى، مثل مجمع نور للطاقة الشمسية، لا يمكن أن تكون عنوانًا للعدالة المناخية، إن لم تُدمج في رؤية تنموية عادلة تراعي المناطق الهشة (كجرادة)، وتضمن شروط العمل الكريم، والحماية الاجتماعية، وإعادة تأهيل العمال المتأثرين من التحولات.

وأكد أن الطبقة العاملة، والنساء خصوصاً، هن أولى ضحايا السياسات الفوقية، التي تجعل من الربح أولوية مطلقة، فيما يُدفع ثمن الأزمات من جيوب الفقراء. واعتبر أن دعم الباطرونا خارج منطق رابح/رابح، يُعيد إنتاج نفس منطق الاستغلال، ويُعطل أي تحول بيئي حقيقي يضع الإنسان في قلب الاهتمام.
ومن هنا، دعا إلى فتح جبهة نضالية عريضة، تضم النقابات والحركات الاجتماعية والبيئية والحقوقية، لصياغة سياسات انتقالية بديلة، تشرك النقابات في كل حلقات القرار العمومي: من الإعداد إلى التتبع والتقييم. ذلك أن التحول الديمقراطي في هندسة القرار المناخي، شرط أساسي لأي انتقال يكون فعلاً “عادلاً”.

عبد العالي كميرة:

“الانتقال العادل ليس مجرد تقنية بيئية أو خيار اقتصادي، بل هو سؤال مجتمعي في العمق، لا يمكن فصله عن الصراع الطبقي، ولا عن تأثير السياسات العمومية على معيش الطبقة العاملة والفئات الهشة، خاصة النساء. إننا في الكونفدرالية العامة للشغل نؤمن بأن أي انتقال لن يكون عادلًا ما لم تُفتح جبهة نضالية عريضة بمشاركة فعلية للنقابات، في كل مراحل إعداد وتتبع وتقييم السياسات العمومية، وفق رؤية واضحة ومن موقع الفاعل الاجتماعي، لا المتفرج الصامت.”

الكونفدرالية: فاعل اقتراحي في قلب التحول البيئي والاجتماعي
بهذه الرؤية، بصمت الكونفدرالية على حضور نوعي في النقاش العمومي، مؤكدة أن أي تحول بيئي يُقصي العدالة الاجتماعية، هو مجرد وهم تقني. ومساهمتها في هذا اللقاء لم تكن مجرد رد فعل ظرفي، بل امتداد لرؤية نضالية تراكمية تسعى إلى ترسيخ موقع النقابة كقوة اقتراحية، مدافعة عن مصالح الشغيلة، ومنفتحة على كل الحركات الديمقراطية، وطنياً ودولياً.
تحديات الانتقال العادل في المغرب
رغم الإرادة المعلنة والتقدم في بعض المؤشرات، لا تزال تحديات الانتقال العادل في المغرب متعددة ومركبة، نذكر منها:

غياب ضمانات اجتماعية حقيقية ترافق التحولات البيئية.

تهميش المناطق المتضررة من الاقتصاد الأحفوري، مثل جرادة.

ضعف إشراك النقابات والمجتمع المدني في صياغة السياسات البيئية.

نقص في التكوين والتأهيل المهني في مجالات الاقتصاد الأخضر.

غياب العدالة المجالية في توزيع المشاريع والاستثمارات.

إنها تحديات تستدعي إرادة سياسية واضحة، ورؤية ديمقراطية تشاركية، تضع العدالة الاجتماعية في قلب الانتقال البيئي، وتجعل من النقابات فاعلاً لا يمكن تجاوزه، في سبيل بناء مستقبل أكثر عدلاً واستدامة.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.