مصطفى شكري
تستعرض هذه الورقة التطورات التي تشهدها جلسات الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة مع الفاعلين الاجتماعيين في الموضوع.
وفي هذا الصدد، أكدت الأمينة العامة لحزب الاتحاد المغربي للديمقراطية، إلهام بلفحيلي، في جلسة الأربعاء 5 دجنبر 2023 بالرباط، أن لقاء الحزب بالهيئة مكنه من تقديم تصورات من أجل بناء أسرة مغربية قوية قادرة على خلق تنمية حقيقية للمجتمع، وتحفظ حقوق المرأة وكرامة الرجل.
الإرث والزواج
وقالت إن صدور مدونة الأسرة سنة 2004 وإن شكلت قفزة الى الأمام فإنها أصبحت غير كافية لأن التجربة أظهرت أن هناك عوائق تقف أمام استكمال هذه المسيرة وتحول دون تحقيق أهدافها .
وتطرقت باسم حزبها إلى تشبته بالمادة 400 من مدونة الأسرة وكذا بالشق المتعلق بالإرث وضرورة التوازن الأسري في قضايا الولاية والحضانة والنفقة ومناقشة إشكالية التعصيب بمنطق استباقي داعيا إلى الحفاظ على تعريف الزواج كعقد شرعي.
وشمل هذا التصور زواج القاصرات وتعدد الزوجات حيث يقترح تحديد سن زواج القاصر في 17 سنة كحد أقصى. ومنع التعدد باعتباره مجانب للطبيعة الإنسانية. وبخصوص إشكالية الأموال المكتسبة بين الزوجين تشير المذكرة الحزبية إلى أن إبرام عقود لتدبير الأموال المكتسبة مستقلة عن عقد الزواج ظل محدودا جدا في المجتمع المغربي. مع دعوة الحزب إلى تعديل المادة 49 من المدونة من خلال نصها صراحة على أن الأموال التي ستكتسب أثناء قيام العلاقة الزوجية هي أموال مشتركة بين الزوجين يستحق كل منهما نصيبه حسب مجهوداته في اكتسابها، ومراجعة نظام الإثبات في مجال المساهمة المالية للمرأة بما يضمن إمكانية الوصول إلى مختلف أشكال مساهمتها في تنمية أموال الأسرة.
وتعديل المادة 51 من مدونة الاسرة ورفع الحيف والضرر الواقع على الأزواج جراء عدم توثيقهم لمساهماتهم والاعتراف بالمال المشترك بين الزوجين كأحد الحقوق المتعلقة بالتركة يستحقه أحد الزوجين عند وفاة الآخر.
وتقدم التنظيم السياسي باقتراح بتعديلات تمس المادة 49 و51 والمادة 322 المتعلقة بديون الميت بما في ذلك نصيب الزوج أو الزوجة من الأموال المشتركة. الباقي بدون تغيير.
الحضانة
وسلطت مذكرة الحزب الضوء على نواقص المواد المتعلقة بالحضانة مع الدعوة إلى ضرورة إعطاء الأب الوقت الكافي لرعاية أبنائه ومواكبتهم والسؤال عنهم في المؤسسة التي يدرسون فيها , وأن يأخدهم للمبيت عنده من أجل المصلحة الفضلى للأطفال وإنشاء مؤسسة تعنى بالحضانة وأن تدبير شؤون الزيارات يجب ان تكون تابعة لرئاسة النيابة العامة تفاديا للخصومات بين الأزواج والتي يتأثر بها الأطفال وحتى يصير كل طرف ملزم باحترام القانون فيتم التعامل مع هذه المؤسسة في حالة حدوث خصام بين الأبوين, كذلك يجب عدم تدخل القاضي في مسألة إمكانية مبيت المحضون لدى والده وجعله ممكنا بنص القانون ماعدا إذا تبث أن هناك ضرر قد يلحق المحضون هنا تتدخل المحكمة للحسم في الأمر. كما دعت المذكرة إلى إعادة النظر في سقوط الحضانة بزواج الحاضنة لأنه أولا يشكل ميزا بين الرجل والمرأة ولأنه يحرم المرأة من صيانة نفسها وتحصينها وممارسة حقوقها لذلك يجب التنصيص على أن زواج الحاضنة لا يسقط حضانتها.
وفيما يتعلق بمسألة النيابة القانونية دعا إلى اعتماد الولاية المشتركة بين الأبوين بالتساوي أو كحد أدنى تعطى للمرأة الحاضن الولاية الإدارية يعني التدبير الإداري لشؤون المحضون ويبقى الإذن بمغادرة التراب الوطني يقتضي الموافقة الثنائية للزوج والزوجة.
النفقة
وبشأن مسائل النفقة أكد على ضرورة وضع معايير واضحة لتحديد مبلغ النفقة وعدم الاعتماد على السلطة التقديرية في تقدير مبلغ النفقة من أجل تحقيق العدل والإنصاف و في حالة إعسار الأب عن النفقة لا يجب اعتقاله بل يجب أن تتدخل الدولة من خلال صندوق التكافل العائلي لأداء مبلغ النفقة للحاضنة المحدد في الحكم عوضا عن الزوج وجعله مدينا للدولة وفي ذات الوقت تحل محل الحاضنة لاسترجاع الديون التي على الأب. وفي حالة إثبات الزوج عسره وأن زوجته موسرة تحل محله في النفقة ولا تجب عليه النفقة حتى انقضاء اعساره .
التعصيب
وجاء في مذكرة الحزب التعصيب في الإرث “أن الأيات القرأنية القطعية في مسألة الإرث لا نقاش فيها ولا يجب تغييرها أما مسألة “التعصيب” في الإرث فهو اجتهاد فقهي غير مقدس، ويحتكم لتغيرات المجتمع، في إطار وحدة الفقه المالكي.
المساطر والتبليغ
أشارت المذكرة في هذا الصدد إلى ثلاث نقاط أساسي أولها : مساطر التبليغ التي تبقى عاجزة في الوقت الراهن عن بلوغ مقاصدها مُقتصرة على زيارات يتيمة للأعوان أو المفوضين القضائيين بحثا عن عناوين متقادمة او معنيين غائبين. وبالتالي يجب توكيل هذه المهمة لجهاز مختص. ثانيا: جلسات الاستماع او الصلح تبقى بدورها عاجزة عن الوفاء بجوهر رسالتها الاجتماعية في ظل الكم الكبير للقضايا المعروضة على القضاء وقلة الموارد البشرية الكفيلة بالإنصات والاستماع لشكاوى الأطراف المتنازعة مما يدعونا للمطالبة بتجويد هذه الآلية وتفويضها لمؤسسة خاصة بالصلح تظم أطر قانونية وقيمين دينيين وخبراء. ثالثا: إشكالية الرقمنة حيث يسجل بأسف شديد طول المدد الزمنية التي يستغرقها استخراج الوثائق المطلوبة من طرف المواطنين وبطيء عمليات حفظ ورقمنه الملفات والأوراق الإدارية.
وقالت بلفحيلي أن هذا اللقاء مكن حزبها من تقديم تصور للمدونة المرتقبة تراعي المصلحة الفضلى للأطفال، وتصورات تتأسس على مقاصد الشريعة ودستور المملكة و المواثيق الدولية.