مصطفى شكري
بمناسبة الذكرى الثمانين لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، يجدر بكل النخب السياسية والثقافية الوطنية أن تعود لقراءة مضامين هذه الوثيقة وعدم اختزال الحدث في وقائع تاريخية واحتفالات رسمية.. جدير بكل متتبع للشأن السياسي بالمغرب وخارجه إعادة قراءة ما جاء في نص الوثيقة على ضوء ما يجري حاليا ببلادنا وبكل بلدان الأمة العربية الإسلامية.. وأن يتحلى بشجاعة السلف لتسطير وثائق مماثلة تضع على المجهر قيم الاستقلال والدفاع عن السيادة الشعبية ونبذ الاستبداد وتأبيد التبعية..
لقد قامت الشخصيات الموقعة على هذه الوثيقة التاريخية بتذكير كل من يهمهم الأمر أن الدولة المغربية تمتعت دائما بحريتها وسيادتها الوطنية وحافظت على استقلالها طيلة ثلاثة عشر قرنا وأن نظام الحماية تم فرضه في ظروف خاصة، وبزوال هذه الظروف دقت ساعة زوال هذا النظام الذي تحول مع توالي السنين والعقود الى نظام مبني على الحكم المباشر والاستبداد لفائدة الجالية الفرنسية حسب ما جاء في نص الوثيقة.. هذه الجالية التي استحوذت على مقاليد الحكم واحتكرت خيرات البلاد دون أصحابها وحاولت بشتى الوسائل تحطيم الوحدة المغربية ومنع المغاربة من المشاركة الفعلية في تسيير شؤون بلادهم ومنعهم من كل حرية خاصة أو عامة..
نقول ان كل قارئ لهذه السطور سيجد الكثير من المتشابهات والنظائر والموافقات فيما يجري هنا والآن، وقد يقول في قرارة نفسه ” إن لم يمتلك شجاعة التعبير علنا ” أن هذه الجالية الفرنسية او المفرنسة أو الموالية سرا أو جهرا لمصالح و لوبيات مستعمري الأمس لاتزال على حالها لا ترى في بلدنا وأبنائه سوى بقرة حلوب، وعقولا قاصرة على إدارة شؤونها وتدبير خيرات بلدها، وأن وحدة المغاربة لا تزال عرضة للتهديدات والمؤامرات تحت مسميات شتى..
فبعد مرور ثمانية عقود على تقديم هذه الوثيقة تزداد الحاجة لقراءة تاريخنا وتحيين مطالبنا كأمة مغربية ذات ماض حضاري عريق.. وتذكير القوى الدولية الكبرى بمشاركتنا النوعية كمغاربة في الحروب العالمية وبمساعدتنا إياهم على تحرير أنفسهم وبلادهم من قبضة النازيين.. فضلا عن تذكير بني جلدتنا الذين يهرولون في كل مناسبة او بدونها لإهداء مقدرات الوطن للشركات المتعددة الجنسيات وتفويت القطاعات العمومية تحت عباءة الخوصصة واستنزاف الرأسمال المادي واللامادي للأمة المغربية تحت شعارات بالية..
نذكر كل هؤلاء بجسيم التضحيات التي بذلت في مواجهة المحتل الأجنبي الذي جثم على التراب الوطني منذ بدايات القرن الماضي، لكل هؤلاء نكتب هذه الكلمات لعل وعسى تعود النخبة السياسية المهيمنة راهنا على للمؤسسات السياسية مركزيا وجهويا لقاعدة تمثيل كافة الفئات والشرائح الاجتماعية وأطياف المشهد السياسي في البلاد، وعدم الاستفراد في اتخاذ القرارات وتدبير الثروات ومعالجة الاحتجاجات.. واللبيب بالاشارة يفهم. والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته