/ سعيد رحيم
في 1981 تم اعتقالنا من داخل كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط في يوم إضراب وطني قرره الإتحاد الوطني لطلبة المغرب احتجاجا على مخطط لإصلاح التعليم أملته الصناديق المالية الدولية على رأسها صندوق النقد الدولي. ويرمي الإصلاح هذا إلى جعل التعليم امتيازا وليس حقا يؤدي إلى الإقصاء الإجتماعي وتعميق الفوراق الطبقية وفتح الباب على مصراعيه أمام الخواص، وهو ما سيترجمه أحد وزراء التعليم في حكومة بنكيران عام 2015، بكلامه الفج “لي بغا يقري ولادو يضرب يدو لجيبو”. بعد أن كانت الدولة قد أخرجت في مطلع الثمانينات بدعة “التعليم قطاع غير منتج”، وهي بدورها ترجمة لتوصيات النقد الدولي تحت عنوان عريض؛ تقليص النفقات العمومية في القطاعات الاجتماعية الصحة والتعليم، أساسا.
تم تقديمنا إلى المحكمة – وكان هذا طبعا بعد أشهر قليلة على فشل المؤتمر الوطني السابع عشر للمنظمة الطلابية أوطم، قائدة الاحتجاج آنذاك – فكان كلامنا في أطوار التحقيق وأمام القاضي ردا على الاتهامات الباطلة والملفقة يتلخص في إننا نحتج ونرفض هذا البرنامج “الإصلاحي” الذي يمليه صندوق النقد الدولي والذي سيحرم بنات وأبناء الشعب المغربي من حقهم المشروع من تعليم عمومي مجاني وطني وديمقراطي، ويؤدي بالبلاد إلى مستقبل غامض”، وليس جامد.
ومع ذلك صدرت ضدنا أحكام ترواحت من شهور إلى سنوات. وسيعرف الملف فيما يلي صراعات واحتجاجات متلاحقة أدت إلى اعتقالات أخرى في صفوف أوطم، وسقوط شهداء داخل السجون المغربية، لهذا السبب.
اليوم؛ بعد أزيد من أربعين عاما على برنامج الإصلاحات المزعومة، سالفة الذكر، يجد ملف التعليم نفسه في النفق المظلم، هذه المرة ليس بقيادة أوطم في مواجهة الدولة بل بين مجتمع التربية والتعليم برمته ب”نقابا”ته وتنسيقيات وجمعيات وشخصيات ذات العلاقة ووسائل تواصل وإعلام – لم تكن موجودة في السابق – من جهة وبين الدولة من جهة أخرى ممثلة في حكومة أخنوش تطبق ما بدأته حكومة المعطي بوعبيد في بداية الثمانينات القرن الماضي وقبلها حكومة عز الدين العراقي وما جاء بينهم من حكومات تختلف في اللون وتتفق في الجوهر.
وعموما؛ فإن قطاع التربية الوطنية والتعليم اليوم في المغرب، والذي سبق للدولة أن اعتبرته “قطاعا غير منتج” أصبح بسبب السياسات الطبقية المتبعة – والتي كنا نسميها فيما قبل بالسياسات اللاوطنية اللاديمقراطية واللاشعبية – يضع المغرب، على هذا المستوى، في فوهة مدفع.