أكد جمال المحافظ رئيس المركز المغاربي للدراسات والأبحاث في الإعلام والاتصال، أن سياسة القتل والاعتداء الذى يطال الصحافيين تعد امتدادا للعدوان الهمجي الذى تشنه منذ أربعة أشهر قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني الأعزل بقطاع غزة وتندرج كذلك ضمن سياسة ممنهجة، تستهدف قتل شهود الحقيقة و للتعتيم والتضليل على جرائمها المتكررة الفظيعة بالأراضي المحتلة.
وقال الكاتب والصحفي جمال المحافظ في حوار مع جريدة “القدس العربي” الصادرة في لندن أنه على الرغم من الانتقادات والإدانة الواسعة للمنظمات المهنية الدولية للصحافيين ومنظمات حقوق الإنسان وللرأي العام الدولي للممارسات الإسرائيلية بالاستهداف المتعمد للصحافيين والإعلاميين، فإن جيش الاحتلال يواصل سياسة القتل، معلناً أن قواته لا تضمن سلامة رجال ونساء الإعلام. الإفلات من العقاب وأوضح أنه “إذا كان القانون الدولي ينص على أن مكافحة الإفلات من العقاب لا تخضع لأي تقادم، فإن هذا يعنى أن الإجراءات القانونية لا يمكن تقييدها بالزمن، ولا يمكن الشروع بها حتى وإن بقيت الأعمال دون عقوبة لسنوات، فضلا على أن القانون الإنساني ينص على أنه يتعين على جميع الدول الالتزام بملاحقة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف (جرائم الحرب)، ومعاقبتهم مهما كانت جنسياتهم، وهذا هو مفهوم الاختصاص القضائي العالمي. كما يحظر بالإضافة إلى ذلك، على مثل هذه الجرائم الخطيرة إصدار العفو في وقت التفاوض على اتفاقات السلام أو تحت أي ظرف آخر”٠ وشدد على أنه ” لا يمكن لأي صحافي وإعلامي بحكم وظيفته وبغض النظر عن المنطقة التي يوجد بها، في ظل ما يتعرض له الصحافيون من اغتيال واستهداف مباشر من لدن قوات الجيش الإسرائيلي بقطاع غزة والأراضي المحتلة، إلا التعبير عن تضامنه وإدانته الشديدة وشجبه لهذه الممارسات الهمجية”. وتساءل بصيغة التأكيد في هذا السياق قائلاً: ” كيف يمكن للصحافيين الأحرار أن يشيحوا بوجههم عن ذلك في الوقت الذي بلغ عدد الشهداء من زملائهم الصحافيين حتى الآن ما يناهز 110 قتلى، وهو ما فاق عدد الإعلاميين الذين لقوا حتفهم خلال الحرب العالمية الثانية التي استغرقت ست سنوات ما بين 1936 و1945 وإبان حرب فيتنام التي دامت نحو 20 سنة، وهذا ما يجعل المنظمات الدولية للصحافيين تدق ناقوس الخطر حينما أكدت بأن الحرب على غزة تعد الأكثر دموية التي تستهدف الصحافيين شهود الحقيقة”. ومن هنا، يضيف المحافظ: “نلاحظ تركيز قوات الاحتلال على الإعلاميين، وتستهدف الصحافيين الذين تتمثل وظيفتهم الرئيسة في البحث عن الحقيقة، بالقول (اصمتوا إننا نقتل)، وتمارس التعتيم والتضليل لمواصلة الاستفراد بإبادة الشعب الفلسطيني”. مواجهة الصور النمطية وبخصوص الصيغ الإعلامية الممكنة لمزيد من الدعم للقضية الفلسطينية، أكد جمال المحافظ الباحث في العلاقات الدولية والأستاذ الجامعي الزائر أنه ” على الرغم من الجهود التي تبذلها بعض وسائل الإعلام خاصة العربية منها، وفي ظل الأهمية التي أضحت تضطلع بها الصورة في ظل الثورة الرقمية، ومن هنا يأتي استهداف الصحافيين في الحرب، فإن الخطاب الإعلامي المتداول حول القضية الفلسطينية وحجم الجرائم الإسرائيلية لم يتمكن لحد الآن وبما فيه الكفاية من تقديم الصورة الحقيقية لمواجهة الصور النمطية الغربية وفق أسلوب احترافي يتوجه للرأي العام “. تجديد الخطاب الإعلامي من هذا المنطلق، يوضح المتحدث: ” أعتقد أن الإعلام المغربي ومعه العربي، في حاجة ماسة إلى تجديد خطابه ورسائله المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وذلك من خلال القطع مع اعتماد أسئلة قديمة في تحليل واقع جديد ومتغير، زادته الثورة التكنولوجية الرقمية تعقيداً، وجعلت للإعلام مواصفات فاقت كل التوقعات”. وقال جمال المحافظ مدير الإعلام السابق لوكالة المغرب العربي للأنباء إن “هذه التحولات تضع على عاتق الإعلاميين مسؤولية الانتباه جيداً إلى أن اهتمامات الرأي العام تغيرت ليس فقط على المستوى الدولي، ولكن المستوى العربي أيضاً، وهو ما يتطلب الاستيعاب العقلاني لهذه المتغيرات، والانخراط الواعي في هذه التحولات، والاستفادة من المرحلة الراهنة التي تمر منها القضية الفلسطينية، وذلك من أجل تقديم الصورة الحقيقية التي تخاطب الوجدان الإنساني لمتلقي الرسائل الإعلامية”. وأضاف إن الأمر ” يتطلب أيضاً إعادة النظر في أساليب المعالجة الإعلامية، بأساليب مهنية تتسلح بمعرفة ميول الجمهور المتلقي للرسائل والقصص التي تؤثر على توجهاته؛ وذلك عبر كشف الممارسات العدوانية والعنصرية الإسرائيلية باحترافية “. إعادة طرح القضية الفلسطينية على المسرح الدولي معركة الصورة ولاحظ أنه ” إذا كانت الحرب على غزة وتطوراتها قد أعادت طرح القضية الفلسطينية على المسرح الدولي، فإنه سيكون مفروضاً العمل على تحديث الخطاب الإعلامي، والاستفادة من الإمكانات التي تتيحها التكنولوجيات الحديثة، خاصة منها الصورة الصحافية، في إيصال خطابنا إلى الرأي العام الدولي، لأن المعركة ليست معركة سياسية وعسكرية فقط مع الاحتلال الإسرائيلي، لكنها معركة إعلام وصورة بامتياز، وهذا ما كشفه لنا العدوان والحصار الشامل الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني بقطاع غزة حالياً”. وأضاف انه من الغريب أن العدوان على الصحافيين شهود الحقيقة بقطاع غزة تزامن في مرحلة معينة مع تخليد العالم لليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحافيين. فأمام الصمت الدولي المريب والتواطؤ الأمريكي، واصلت قوات الاحتلال عدوانها البربري ضد المدنيين العزل، ومن جملة ضحاياه الطواقم الصحافية والإعلامية. مجازر في جنح الظلام وفي هذا الصدد نقلت ” القدس العربي ” عن جمال المحافظ قوله: ” فضلاً عن قتل واستهداف الصحافيين وحرب الإبادة الجماعية، عملت قوات الاحتلال الإسرائيلي بقطع كل وسائل الاتصال مع قطاع غزة، بما فيها الاتصال والإنترنت والهاتف والاتصالات المحمولة، وأن الاتصال ما زال محدوداً ويتعرض لتعطيل وتشويش، مما يتيح لإسرائيل القيام بمجازرها في جنح الظلام بعيدًا عن عدسات وسائل الإعلام العالمية، كما يوضح بيان نقابة الصحافيين الفلسطينيين”. شجاعة وصمود وعلى صعيد الوضع الميداني، أكد أن الحرب على غزة أبانت عن ” شجاعة وصمود نادرين للشعب الفلسطيني الأعزل ضد العدوان الإسرائيلي الجبان الذي خلف دماراً هائلاً في البنية التحتية، وكارثة إنسانية غير مسبوقة في تاريخ الإنسانية، فضلاً عن القصف والجرائم اليومية التي تقترفها قوات الاحتلال ضد سكان الضفة الغربية المحتلة”. مناسبة حديث الإعلامي محافظ عن الطواقم الطبية والصحية والإغاثة والإنقاذ والإسعاف الفلسطينية، جاءت على إثر منح جائزة التضامن لهذه السنة للهلال الأحمر الفلسطيني من طرف “حلقة الوفاء لذاكرة محمد الحيحي” حيث أبرز أنها تأتي تقديرا لمجهودات الإسعاف والإنقاذ الذي تبذله طواقم هذه المنظمة ومن خلالها لكافة المتطوعات والمتطوعين، بهدف التخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة الذي يواجه بشجاعة وبسالة آلة الحرب والعدوان والإبادة، والتطهير العرقي الذي تنفذه قوات الاحتلال الإسرائيلي ضده منذ السابع من أكتوبر الماضي، والذي خلف حتى الآن آلاف الضحايا من شهداء وجرحى، خاصة في صفوف الأطفال والنساء والمسنين”. جائزة رمزية وأوضح جمال المحافظ أحد مؤسسي ” حلقة الوفاء لذاكرة محمد الحيحي” ورئيسها السابق في حواره مع “القدس العربي ” الذى أجراه مراسلها بالمغرب عبدالعزيز بنعبو على أنه بالرغم من الطابع الرمزي لجائزة محمد الحيحي للتطوع، فإن لها دلالات بمنحها لمنظمة الهلال الأحمر الفلسطيني لجائزة محمد الحيحي للتطوع برسم 2023، ذلك إن حلقة الوفاء لذاكرة محمد الحيحي منظمة الجائزة تعبر بذلك -ومن خلالها الحركة التطوعية المغربية برمتها – عن مساندتها ودعمها في هذه الظرفية العصيبة للشعب الفلسطيني الذي يواجه بصدور عارية آلة التقتيل الإسرائيلية، وبدعم مباشر وبغطاء من الولايات المتحدة الأمريكية. كما أن حلقة الوفاء تجدد من جهة أخرى، إدانتها للتطهير العرقي وجرائم الحرب التي تستهدف المدنيين الأبرياء، وتدمر المستشفيات وتغتال الطواقم الطبية والصحية، وتنكل بالجرحى. وأشار إلى أن منح الجائزة للهلال الأحمر الفلسطيني كذلك ” يعد أكثر من التفاتة، فهي تكتسى بعداً تضامنياً عميقاً، بقدر ما هي ايضا استحضار وتذكير بما جبل عليه الشعب المغربي على كافة المستويات من دعم وتضامن غير محدود مع القضية الفلسطينية، إنها قضية مقدسة إلى جانب قضية الوحدة الترابية للمملكة”. الوفاء لفلسطين وتابع جمال المحافظ موضحاً أن الجائزة، وهي مبادرة مدنية وشعبية، اكتست فعلاً أبعاداً متعددة، ” دعم معنوي لفائدة الطواقم الطبية والصحية في قطاع غزة في وقت عصيب، وكذلك عربون تقدير وتضامن ووفاء لفلسطين ولأهالينا الصامدين في الأراضي المحتلة، وتجديد الالتزام بنصرة الشعب الفلسطيني المقاوم”. وفي مواجهة العدوان، كان النبض المغربي التضامني مع الشعب الفلسطيني، وعنه قال المحافظ: ” أعتقد أن منسوب تضامن المغاربة مع القضية الفلسطينية، يجد جذوره في تاريخ العلاقات المغربية الفلسطينية الطويل على المستويين الرسمي والشعبي، التي كانت دوما علاقات متميزة لكونها محفورة في وجدان الشعب المغربي الذي وقف باستمرار إلى جانب الشعب الفلسطيني المقاوم، موقف لم يتغير تحت أي ظرف كان “. وزاد المتحدث موضحاً أن ” المبادرات المغربية في هذا الصدد متعددة، لقد كان المغاربة دائماً في مقدمة الشعوب المتضامنة مع الشعب الفلسطيني، وتجسد على سبيل المثال بمسيرات التضامن المليونية المنددة بالغطرسة الإسرائيلية. إن دعم القضية الفلسطينية يشكل مصدر إجماع كافة المغاربة على اختلاف توجهاتهم ومواقعهم، فنصرة فلسطين توحدهم “. تضامن متواصل ويقول المحافظ ” تميزت المواقف المغربية، فضلاً عن التضامن، بالوضوح انطلاقاً من الإيمان بعدالة القضية الفلسطينية وبالحقوق المشروعة للشعب الفلسطينية في إقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس. إن وتيرة ومنسوب التضامن مع فلسطين تتوسع، كلما تواصلت الجرائم الإسرائيلية بقطاع غزة، وهذا تجسده المظاهرات الحاشدة والوقفات المنظمة بمختلف جهات المملكة، للتنديد بالعدوان البربري لجيش الاحتلال، وبالصمت الدولي الذي وقف عاجزاً عن إيقاف هذه الحرب، والجرائم المقترفة ضد الشعب الفلسطيني المحاصر”.
- حبل جرائم الإبادة الجماعية يضيق حول عنق نتنياهو
- لقاء مع جورج عبد الله في سجنه
- جماعة المحمدية: الفدراليون يطالبون بعزل الرئيس
- أوروبا الغربية: تنظيمات مغربية تندد بالحملة الصهيونية في أحداث أمستردام
- حراك الصحة بين إضراب العطلة وإضراب الوعي
- لقاء المنارة: جسر الشعر بين المغرب والأندلس في قرطبة
- انهيار مزاعم وقوع مذبحة معادية للسامية في أمستردام
- “حراس لكصر” لعايدة بوي يقطف جائزة الإبداع في مهرجان الفيلم بطنجة
- معرض لبابة لعلج من 14 نونبر إلى 14 دجنبر 2024 بالرباط
- الديمقراطية العسكريتارية الأمريكية