تسجيل الدخول

عبد العزيز كوكاس: عن السلط المتربصة ومحاربة الخوف

2024-02-26T07:15:45+00:00
2024-02-26T10:39:50+00:00
اقلام حرةالسياسةالمجتمعثقافة وفنونعدالة
said rahim26 فبراير 2024آخر تحديث : منذ 10 أشهر
عبد العزيز كوكاس: عن السلط المتربصة ومحاربة الخوف

سعيد رحيم

كتب عبد العزيز كوكاس مقالة مفيدة في “نيشان” أيقظت فينا السؤال المؤرق حول السلطة التي تتربص بنا أينما أولينا وجوهنا.

والسؤال: هل نحن خائفون منها أم هي خائفة منا؟
إنها سلطة الخوف المتبادل الذي أجهد الفلاسفة من عهد سقراط لمحاربته باعتباره رذيلة، من الكبائر.

وكان كوكاس محقا حينما تكلم في ورقته تلك عن السلطة التي تخرج له من أزرار الحاسوب أو من عدسة الهاتف المحمول. وتذكرت بهذه المناسبة ما كنا نقرأه في بعض المجلات والجرائد سنوات سبعينيات القرن الماضي وما كنا نسمع به عند متتبعي مستجدات الحرب الباردة بين الروس والأمريكان حول قدرة أولاد أسطورة العم سام على اقتحام بيوت الرفاق الروس في موسكو ولينينغراد وجمهوريات الأمبراطورية الروسية السوفياتية عبر إيقاظ شاشات تلفازاتهم، حتى وهي نائمة وإشعالها ببثها برامج الغرب البعيد (far west) في حرب إيديولوجية رقمية طاحنة لا قبل لنا بها إلى أن وضعوا مخبرا بجيوبنا يتربص بنا أينما حللنا وارتحلنا ، فقد انتقل بنا المخبر المحمول من صيغة سلطة القرب إلى صيغة سلطة اللصق. نؤدي راتبه الشهري- رغم أنفنا – من جيوبنا. وإن حصل وإن ضاع منا المخبر المحمول فإننا نشعر بالدوان وانقلاب الحياة في وجهنا، بل وضياع فترة من حياتنا الموثقة.. إنه يمارس علينا سلطته ديكتاتوريته بكل طواعية منا ويحصي أنفاسنا وخطوتنا ويبلغ عن حركاتنا وسكناتنا في تقارير لا يأتيها الشك من بينها ولا من خلفها.
لكن أهم ما شدني في ورقة كوكاس عن السلطة المتربصة بنا في كل مكان وزمان، وأنا أقرأها وأجوب في نفس الوقت مواقع وأخبار أخرى، عثوري صدفة على موقع التواصل الإجتماعي (X) الذي عوض التوتير – وإيكسx هذا تعني (المجهول) الذي غدا فرعا من فروع سلطة الإعلام – عثرت على أرقى أنواع السلط؛ سلطة *الإيمان الروحي*. وهو عبارة عن فيديو برحاب الكعبة يظهر فيه ثلاثة من رجال السلطة بزيهم الوظيفي العسكري ينازعون العلم الفلسطيني من يد سيدة معتمرة من بين جموع الحجاج المعتمرين أمام ذهول وصمت الجميع. وتتعرض القضية الفلسطينية والشعب الفسطيني منذ أكثر من 4 أشهر لأبشع أنواع جرائم الإبادة الجماعية على يد أكبر سلط التسلح والعدوانية في التاريخ البشري. سلطة عساكر الإحتلال الأمريكي الإسرائيلي والصهيونية العالمية بدعم من دول الغرب المتشبع بسلطة الصهينة والإقصاء. ولا أحد من المعتمرين المغمورين بسلطة الإيمان الأقوى عدلا، الذي جلبهم إلى – الكعبة – استطاع أن يتدخل – لا بأقوى ولا بأضعف الإيمان – لكي يثني الثلاثة العسكريين عن نتزاع العلم الفلسطيني من يد السيدة، ليس دفاعا عن دولة بل دفاعا عن بشر عن شعب تسفك دماؤه بالآلاف يقصفون ليل نهار بصواريخ وقنابل وأسلحة محرمة دوليا تهدم منازلهم بيوتهم وتخرب مزارعهم ويدفعون دفعا تحت القصف والجوع والعطش الأمراض وتتعمد وتمعن آلات العدوان الحربي في قصف نسائهم وأطفالهم مستشفياتهم ومدارسهم وسيارات آسعافهم وصحفيوهم للتهجير القصري نحو المجهول.. وقصف كل قيم وقرارات وقوانين الشرعية الدولية والأخلاقية الكونية..
صورة مخجلة أمام هول الكارثة وضعف الإيمان بروحانيات سلطة العدل التي حلت محلها سلطة الخوف.. الخوف من الوهم بما هو رذلية أخلاقية. ولا حاجة لي أمام شهادات الواقع الذي لا يرتفع لكي أستشهد بالفلاسفة الذين نذروا حياتهم في مواجهة رذيلة الخوف وشنوا حـروبا عليه باعتباره عدوا استراتيجيا بدءا من سقراط وأبيقور وسبينوزا وكانط وهيغل، ونيتشه وإميل شارتييه آخرون باللغة العربية؛ حسين مروة، المهدي المنجرة طه حسين، نجيب محفوظ، محمد أركون.. وغيرهم.. دون الحديث عن المقاتلين المقاومين الذي أصبحت أسماؤهم شمسا على علم.
إن المهمة الأولى للتخلص من تربصات السلط، “خوفا منا أو خوفا منها” هو التخلص من مشاعر وإرهاصات الخوف المتبادل.. الخوف من سلطة الموت التي قال فيها فيلسوف الشعراء أبو الطيب المتنبي:
” وإذا لم يكن من الموت بد.. فمن العار أن تموت جبانا”.

*وتحية لكوكاس الذي أدخل يده في جحر المارد

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.